كركوك محافظة عراقية في شمال العراق (٢٣٦ كم شمال العاصمة بغداد، ٨٣ كم جنوب محافظة اربيل)، غنية بالنفط وهي ضمن المناطق المتنازع عليها حسب الدستور العراقي، حيث كانت هذه الفقرة الدستورية مفتاح تسليم محافظة كركوك للاحزاب الكردية وضعف وجود الحكومة العراقية المركزية في هذه المحافظة وجميع المناطق المتنازع عليها( والممتدة من الموصل في شمال غرب العراق الى محافظة ديالى في الشرق).
والحقيقه أن الصراع حول كركوك يحمل أبعادا تاريخيه وثقافيه وسياسيه واقتصاديه وديموغرافيه وقد اتخذ الصراع صورا وأشكالا شتى.
استضاف “معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى ” في ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٦ محافظ كركوك الدكتور نجم الدين كريم واصفا اياه بانه مثال للرجل الذي استطاع ان يمنح حقوق المكونات في كركرك بالعدالة وان فترة ادارته في كركوك تميزت بالاعمار والبناء وتطوير المحافظة، طالبا ان تكون هذه التجربة كمثال يقتدى به في حل مشاكل محافظة نينوى بعد تحريرها.
تعتبر محافظة كركوك مركز الثقل للقومية التركمانية( ثالث قومية في العراق بعد العرب والكرد) من ناحية التعداد السكاني والتاريخ والتراث والرمزية. ولقد تعرض التركمان فيها الى مجازر عديدة في التاريخ الحديث وهي مجزرة كركوك ومجزرة التون كربري وتازة ومجازر بشير وغيرها.
كما ان التركمان تم استهدافهم بشكل مروع في المحافظة بعد (٢٠٠٣ )من قبل العصابات الاجرامية من التكفيريين والقاعدة ثم داعش.
فقد التركمان نتيجة هذه الاستهدافات المتكررة مئات الارواح من المدنيين والعديد من الشخصيات السياسية والعسكرية والمهنية
شهدت المحافظة ايضا عدة مجازر وحوادث خلال السنوات الماضية القليلة كان ابرزها مجزرة بشير واستهداف تازة خورماتوا بالاسلحة الكيمياوية واستهداف مدينة داقوق بصاروخ من قبل طائرة اكدت المعلومات الأولية انها عراقية ولكن لم يتم كشف كل تفاصيل الحادث من قبل الحكومة العراقية لأسباب غامضة على الرغم من تقديم اهالي الضحايا شكاوى في المحاكم العراقية ضد الجهات المعنية المسؤولة.
حسب مختصين من المحافظة، كانت مساحة البناء الكلية لمحافظة كركوك قبل سنة ٢٠٠٣( ٤٤) كم. اتسعت هذه المساحة بشكل كبير لكي تصل الى( ٦٦) كم في الوقت الحالي، نتيجة منح اراضي سكنية بشكل غير قانوني من قبل الحكومة المحلية في كركوك ( بالاخص مكتب المحافظ) للعوائل الكردية، والتي اغلبها لم تكن من اصول كركوكلية عادة او بعضها ليست ذات اصول عراقية اصلا. اغلب هذه المساحات الجديدة التي تم البناء عليها بعد (٢٠٠٣ ) هي مناطق “الفيلق وبنجة علي ورحيماوة والاسكان وشيراوة ومناطق اخرى” وهي مناطق ذات غالبية كردية مطلقة.
تتميز هذه المناطق بخدمات تفوق على بقية مناطق واحياء كركوك حيث تأسيسات البنى التحتية لاتوجد مثيلها في المناطق ذات الغالبية التركمانية او العربية. ومن المهم الاشارة الى ان اغلب سكان هذه المناطق لا يملكون اوراق ثبوتية رسمية لامتلاكهم الاراضي بل اوراق محلية يتم اعتمادها من قبل الحكومة المحلية فقط دون الرجوع الى دائرة العقارات.
تم اسكان ما لايقل عن ( ٦٠) الف عائلة منذ عام ٢٠٠٣ في هذه المناطق لفرض التغيير الديموغرافي على المحافظة.
في الوقت نفسه نجد ان مدينة “تسعين والتون كوپوي وناحية تازة خورماتوا وقرية بشيرالتركمانية ” التي عانت ما عانت من ظلم واستهداف ومجازر صدام ( الذي اعدم وسجن المئات من شباب هذه المناطق واحتجز اغلب عقارات اهاليها) بالاضافة الى استهدافها من قبل الارهاب بعد (٢٠٠٣ ) لم تلقى هذا الاهتمام من قبل الحكومة المحلية من ناحية توفير الأمان والخدمات، بل بالعكس، فقد عمدت هذه الحكومة من خلال “لجنة رفع التجاوزات المرتبطة بمكتب المحافظ” على هدم مايقارب ( ٢٠٠) دار سكني فقط على مدى ١٣ عام منذ ٢٠٠٣ لاهالي مدينة تسعين بعد ان تم بناءه من قبل اصحابها المالكين الحقيقين وحسب الاوراق الثبوتية والسندات القديمة، بحجة عدم مطابقتها للخطة الحديثة للمحافظة في بناء وتطوير المناطق، علما ان “لجنة رفع التجاوزات ” المحلية ( والتي تتكون من البيشمركة والأسايش وجهات امنية كردية اخرى) لم تدخل المناطق الكردية المبنية حديثا وبشكل مخالف للقانون ابدا.
لم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل ان الحكومة المحلية تتعمد ازالة كافة اثار المحافظة القديمة والتي تحمل ميزة تراثية ترجع الى مئات السنوات والمرتبطة بشكل مباشر بتراث التركمان ووجودهم في المحافظة، فبعد هدم جسر الشهداء في وسط محافظة كركوك الذي يجسد شهداء مجزرة كركوك في عام ١٩٥٩ بحجة تطوير المدينة، يتم الان التخطيط لهدم اكبر واقدم سوق في وسط محافظة كركوك وهو “سوق القيصرية ” والذي يرجع تأريخه الى (١٨٥٠م ) والمبني بشكل هندسي يشير الى عدد ايام السنة والشهر والاسبوع، حيث انه يحوي على ٣٦٥ محل و ٣٠ فرع و ١٢ شقة و٧ ابواب لكل باب اسم يشير الى اختصاص اهل المحلات حسب البضاعة ( كالالتونچي والاطرقجي والبزاز وغيرها).
المادة (٢٣) المقررة من قبل مجلس النواب العراقي سنة( ٢٠٠٨ )حول “انتخابات مجلس محافظة كركرك” التي تم الغاء فقرتيها ” الاولى والثانية ” من قبل المحكمة الاتحادية سنة ٢٠١٣ والتي تنص الفقرة ” سابعا” الغير ملغية يقوم مجلس النواب العراقي بسن قانون لانتخابات مجلس محافظة كركوك في حال فشل “اللجنة المشار اليها” في الفقرتين ” الاولى والثانية” الملغيتين( وكنتيجة اللجنة لاوجود لها حسب قرار المحكمة الاتحادية) ، وفي حال فشل مجلس النواب في سن هذا القانون يحال الامر الى الرئاسات الثلاث وبالتنسيق مع بعثة الامم المتحدة في العراق لتقديم المشورة. حيث يتوجب على مجلس النواب التحرك وفق فقرات المادة الغير ملغية لحل معضلة كركوك ووضع حد للتجاوزات، حيث جميع السلطات الرئيسية من منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ومدير الشرطة والصحة والتربية وغيرها من المناصب الحيوية هي تحت سيطرة الاحزاب الكردية على الرغم من فشلها في حماية بقية المكونات من غير الاكراد من التركمان والعرب واستهدافهم المستمر من قبل عصابات الارهاب والجريمة والسرقة المستمرة بحقهم وبشكل يومي وفي وضح النهار، حيث فقد التركمان العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية والمهنية بسبب عدم وجود حماية لهم وعدم جدية الحكومة المحلية في ذلك وغياب الدور الحكومي المركزي.
في الوقت ذاته نلاحظ العديد من الاصوات النشاز التي تصدر من بعض الابواق ( التي تدعي انها تركمانية ) من داخل اقليم كردستان او من خارج العراق مطالبة بضم المناطق التركمانية الى الاقليم متناسين السنوات القاسية والايام الصعبة والدموية التي عاشها ويعيشها التركمان تحت سيطرة الاحزاب الكردية، ومتناسين الوضع الداخلي السياسي والاقتصادي والاداري المتدهور من سيء الى اسوء داخل الاقليم بسبب صراع الاحزاب الكردية الداخلية، ومتناسين ان التركمان يمثلون ثاني قومية ومكون في الاقليم ولا توجد لديهم اي حقوق واضحة وتم اعتبارهم جزء من الاقليات التي لم تمنح لها اي شيء غير عناوين في دستور الاقليم، حيث لاوجود لهم في المناصب السيادية او المناصب العسكرية او في تشكيلات القوات الامنية في الاقليم ولا في الادارات والوزارات، حيث كان الاولى بمن يعتبرون انفسهم ممثلين للتركمان في الاقليم المطالبة بحقوق التركمان داخل الاقليم ثم تنصيب انفسهم كممثلين للتركمان في خارج الاقليم.
ان من اهم مباديء العدالة في الحقوق والتي اقرها الدستور العراقي واكدت عليها كل القوانين والمواثيق الدولية هو التعامل بمساواة مع جميع المواطنين دون التفريق على اساس العرق او العقيدة، حيث يجب التعامل مع الجميع في توفير الامان والخدمات والحقوق بشكل متساوي.
المادة ( ١٥) من الفصل الاول من قانون (٥٥) لسنة ٢٠٠٢ الخاص بحماية الاثار والتراث يمنع و يجرم التجاوز على اي تراث عراقي حيث انه من واجب الحكومة المحلية حمايتها وليس هدمها.
كما يجب على البرلمان العراقي والحكومة العراقية عدم ترك كركوك لقمة سائغة بيد الاحزاب الكردية ويجب عليها التحرك الجدي لحماية اهالي المدينة وممتلاكاتهم وتراث المحافظة الذي يرمز الى تراث العراق.
الامم المتحدة مطالبة بدور حقيقي في المحافظة من خلال مكاتبها لمعرفة الحقائق والقيام بواجبها في العراق من حل النزاعات وفرض القانون.
على المؤسسات الأمريكية وكافة المجتمع الدولي الكف عن تزييف الحقائق ودعم جهات سياسية معينة على حساب ارواح المدنيين ومصير ومستقبل هذه المناطق.
الحكومة المحلية في كركوك مطالبة للخروج من سباتها الذي لا نجد له نهاية او الاستقالة وعدم الاستهانة بارواح الابرياء وممتلكاتهم ومصيرهم.
الاحزاب التركمانية معنية بالاتفاق معا على وقفة جادة مدعومة بالجماهير التركمانية لمعالجة هذه الانتهاكات ووقفها.
مؤسسة إنقاذ التركمان
قسم التوثيق والتقارير