بقلم الباحثة هاجر علي رضا
يقول عالم الاجتماع العراقي الراحل الدكتور علي الوردي ان التاريخ الذي درسناه في المدارس جعلنا نحفظ اسماء الملوك وفتوحاتهم دون ان نعرف مشاعر الشعوب المكبوته التي عانت بعد الفتح فقد ردرسنا في التاريخ العديد من القادة الذين فتحوا وحررو البلدان في العهد الاموي في شمال افريقيا وكان القادة المسلمين يتسارعون الى الحصول على الغنائم اولا والسلطة والمنصب مما جعل الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز يقوم بايقاف الفتوحات واستبدالها برسائل تدعوا اهل البلدان الى الدين الاسلامي اولا مع العلم ان الذين كانوا تحت سيطرة الامبراطورية البيزنطينية او الرومانية كانوا يعانون ايضا من الضعف والحرمان وانتشار الطبقات في المجتمع والفساد الاخلاقي، ولكننا اصبحنا نحفظ اسماء القادة الذين فتحوا البلاد كطارق بن زياد وعبد الرحمن الغافقي وقتيبة الانصاري وغيرهم دون ان نعرف معاناة الشعوب بعد الفتح وحتى في التاريخ الحديث فقد درسنا ان دول الحلفاء في الحرب العالمية الاولى( ١٩١٤-١٩١٨ ) قد انتصرت على دول المحور ولم نهتم بمعاناة الشعوب بعد الحرب علما بانها كانت حربا بالغة العنف في تاريخ البشرية وجند في هذا الحرب حوالي ٦٥ مليون مقاتل وسقط ١٠ ملايين واكثر من ٢٠ مليون جريح من العسكريين و١٣ مليون من المدنيين والاف المصابين بالامراض النفسية والجوع والبطالة وكذلك الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩-١٩٤٥ ) التي خلفت ملايين القتلى والجرحى والاسرى والدمار والامراض النفسية والعقلية وضرب اليايان بالاسلحة الكيمياوية والقنبلة الذرية من قبل امريكا في عهد الرئيس ترومان مخلفا الويلات والماسي الانسانية وغيرها في اوربا.
كذلك الحال في العراق فمع كل تقديرنا للدماء التي سقطت والارواح التي اريقت من اجل تحرير هذه الاراضي من دنس داعش ولكننا ايضا مهتمين بالتحرير فقط والانتصارات ونقول حررنا تكريت وانتصرنا في بيجي وديالى وحررنا بشير وحررنا الساحل الايسر من الموصل وانتصرنا في الفلوجة على الدواعش وسوف ننتصر في الساحل الايمن في الموصل ونحرر تلعفر وسوف ينتهي مسلسل داعش دون ان نعرف معانات من سقطوا ضحية بيد هذه العصابات الاجرامية او الذين هربوا منهم ونزحوا او هجروا خارج البلد او الذي بقوا تحت حكم داعش وكيف كانت طبيعة حياتهم تحت سيطرة المرتزقة ونفسية الاهالي واحاسيسهم.
ان مدينة الموصل وكل المدن المحررة تحتاج الى فرق من الباحثيين الاجتماعيين لمعرفة عدد الارامل وعدد الايتام وعدد النساء المغتصبات وعدد النساء والاطفال المختطفات من سنجار ومدينة تلعفر التركمانية وسهل نينوى والمدن الاخرى المحررة وكيف واجهت النساء العنف من قبل الدواعش بالاضافة الى العديد من المصابيين بالامراض العقلية والنفسية اي انها تحتاج ايضا الى جيش من الاطباء والباحثيين النفسيين لمعالجة الاهالي وتقديم العلاج وعدد الفقراء ومعرفة خسائر الاهالي وتدمير بيوتهم وسرقة اموالهم وهذا يتطلب ايضا دعمهم من قبل الدولة والمنظمات الانسانية والاقتصادية التي تهدف الى رفع مستواهم الاقتصادي.
كل هذه الامور تحتاج الى تحشيد مدني من قبل اصحاب القرار في الدولة وخارجها من مؤسسات اجتماعية ودينية ومدنية فكما نجحت تجربة الحشد الشعبي العسكري نحتاج حشد مدني للتصدي لهذه المهمات الثقيلة والخطرة في العراق بعد اكمال تحرير العراق من دنس الارهاب الداعشي.