Site icon مؤسسة إنقاذ التركمان

“زينب” تختصر في قصتها قصص الألم المنسية للتركمانيات الناجيات من داعش

جلست “زينب” في زاوية منزل والدها، لتجيب بارتباك عن الأسئلة الموجهة لها. ولخوفها من الاختلاط، استعانت من وقت لآخر بإحدى أخواتها لمساعدتها على الإجابة. كشفت “زينب” حصرياً لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني سامان داود عما حدث لها من انتهاكات أثناء خطفها من قبل تنظيم داعش، مؤكدة “أن الألم لا يزال مستمراً حتى الآن”.

“زينب” هو اسم مستعار لناجية تركمانية شيعية المذهب، كان قد اختطفها مسلحون من داعش من قرية بيشير جنوب محافظة كركوك شمال العاصمة العراقية بغداد، في حزيران/ يونيو عام 2014.

قصبة بشير في كركوك

تعاني “زينب” من تأزم نفسي حاد. وقد أوضحت للمراسل؛ أن عمرها كان يتجاوز 14 عاماً بثلاثة أشهر حين اختطفت. وقالت إنها اغتصبت من قبل مسلحي داعش، وحملت وأجهضت مرة واحدة خلال تلك الفترة.وروت كيف اختطفت من أمان حضنيّ والدها ووالدتها أثناء عودتهم من مركز مدينة كركوك حيث أجرت فحوصات طبية ومراجعة عند الطبيب نتيجة إحساسها بآلام في الكلية. في طريق العودة، أوقفهم مسلحون، وتم فصلها مع والدتها عن والدها وجرى وضعهما في سيارتين منفصلتين. بيّنت “زينب أن رحلة السيارتين استمرة حوالى ساعتين في طريق يمر عبر الوديان، إلى مكان يبيت فيه المسلحو. وهناك تم فصلها عن والدها ووالدتها، وتم وضعها في سيارة “بيك أب” كانت متوقفة هناك. بعد أن عصبت عيناها وقُيدت يداها. تتذكر قائلة، “كنت أشعر بالرعب الشديد وفي حالة صحية سيئة”.

وأردفت بالقول للمراسل؛ إنها وصلت إلى مكان في أطراف مدينة الحويجة، لكنها لا تستطيع تحديد المدة التي قضتها في الطريق. هناك تم تسليمها إلى محكمة تابعة لتنظيم داعش، وسجنت مع فتيات أخريات لم تعرف عن هويتهن شيئاً. وبقيت مسجونة يومين قبل أن يأخذها داعشي، “لكنني لا أعرف إن أخذني مقابل مال أم أعطيت له كهدية”في منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2017، وبعد أن حررت القوات الأمنية العراقية مدينة الحويجة، تم تحرير “زينب”. قالت إنها كانت حينها بحالة نفسية وصحية وجسدية سيئة، ولفتت إلى أن والديها مفقودان حتى اليوم، ولا يعلمون عنهما أيي شيء، موضحة أنها تعيش برفقة 5 أخوات و3 إخوة، ويتكفل عمهم بهم.بعد تحريرها، لم تتلقَ “زينب” أي علاج نفسي إلى الآن ، كما لم تحصل على أي دعم مادي يساعدها في محنتها المستمرة . وتعاني، حسب قولها، من مضايقات ونظرات المجتمع وأقاربها الذين يعتبرونها “ملعونة”، ما يجعلها لا تفكر بالخروج كثيراً من المنزل.
“محمد شوكت كوثر” مدير شبكة الرحمة للمفقودين والمغيبين قسراً وعضو الهيئة الإدارية لـ FEMED، قال لمراسل “تطبيق خبّر” إنهم أرسلوا محللة نفسية لتزور “زينب” مرتين. وأوضح أن المحللة النفسية تحدث عن عدة مشاكل تواجهها “زينب”، أبرزها أنها تنتظر الموت وتراه الحل في وضعها الحالي، فهي لا تستطيع التفكير كأي فتاة بالزواج أو الاستقرار أو التعليم أو العمل. كما لا تستطيع الاختلاط ببقية البنات من أقرانها أثناء المناسبات العشائرية كالفواتح أو حتى الأعياد والمناسبات بسبب نظرة المجتمع لها. وأشار إلى أن المحللة النفسية بتشخصيها حالة زينب بيّنت أن الفتاة فقدت حاسة الاستمتاع بكل شيء ولم تعد تشعر إلا بالمرارة والظلم، فقد “سرق داعش منها حياتها ومستقبلها مثلما سرق عذريتها وشرفها”.أضاف “كوثر” إنه وخلال زيارة المحللة النفسية لها بعد عودتها من الأسر، جيء بقابلة بدون إذن طبي أو قانوني، وكشفت عن عذريتها بعد طلب من إحدى قريباتها، ليتبين لهم ما هي مشكلتها، بالرغم من معرفة الجميع بأنها للاغتصاب والاجهاض. بعد الفحص السريري الذي تم بدون إذن طبي أو قانوني رسمي، عبّرت القابلة عن امتعاضها، وبدأت التمتمة بكلمات شعبية قاسية مع قريبة زينب. ووفق قوله، فإن المحللة النفسية سمعتها تقول إن زينب لا تصلح للزواج أو تكوين أسرة، إذ “من يتزوج وحدة جانت لعبة بيد الدواعش”، حسب ما قالت القابلة.

“خلال استرجاعها للذاكرة، تتكلم زينب أحياناً بصورة عفوية، ثم تدخل بعدها في موجة بكاء هستيري يليه سكون”. هكذا شرحت المحللة النفسية (ذ.ش) التي قابلت زينب مرتين، وضعها لمراسل “تطبيق خبّر” سامان داود. وهي أرادت أن نكتفي بذكر الأحرف الأولى فقط من اسمها.

يرى “كوثر” أنه من الواجب على الحكومة العراقية تكثيف الجهود للبحث عن المختطفات التركمانيات لأن هناك عدد آخر غير معروف منهن. كما يؤكد على ضرورة تقديم كافة الدعم النفسي والقانوني للناجيات منهن، وإدخالهن في برامج إعادة اندماج داخل المجتمع في مناطقهن، خاصة في تلعفر وكركوك. كما دعا الزعامات الشعبية في مناطق التركمان إلى دعم الناجيات من خلال وقف قضية “وصمة عار” بحقهن، وتوفير ملاذ آمن لهن، وأيضا الذهاب إلى تشريع الاعتراف بالإبادة الجماعية للتركمان من قبل الحكومة العراقية وباقي الدول، وتدويلها الحصول على العدالة للناجيات التركمانيات.

المصدر: أخبار الآن| كركوك – العراق (تطبيق خبّر)

Exit mobile version